هذه برحمة الله . . وهذه بمعصيتي!!
حين تصف حياتك بأنها معقدة!! وأمورك بأنها معسرة!! ورزقك بأنه ضيق!! وأن أحوالك تسير بك من السيءٍ إلى الأسوأ!! وأن الخناق يضيق عليك يوماً بعد يوم!! فكن على يقين من أن الله يحبك!!
حيث أراد أن يظهر لك معصيتك من خلال ما يواجهك في كل شؤون حياتك؛ لعلك تتوب أو ترجع!! أو أن يكفر عنك - من حيث لا تدري - بما أصابك من عواقب ضيق العيش وتبعاته!! وإن شاء فتح عليك الدنيا بمصراعي (حلالها وحرامها) ولم يبال بك في أي أوديتها هلكت!! فالدنيا أحقر ما تكون عند الله، أفتظنه يجود بها على الكافر؛ ويضنُّ بها على عبده المؤمن؟!
ولكن حكمته اقتضت سبحانه ألا يلوث قلب المؤمن بها إن أغناه، وهو ليس لاحتمال فتنة المال بأهل!!
أو أنه يحب سماع صوته دوماً حال الكرب، حين يلجأ إليه بالتضرع والبكاء؛ فيعظم له أجر آخرته - دون أن يعلم - وينزل على قلبه السكينة - من حيث لا يدري - لإعانته على الصبر والاحتمال، وكأن لسان الحال يقول : (عبدي
أوشكت معاناتك على الزوال بقرب لقائي، وقد جعلت لك في العاقبة ما تشتهيه
الأنفس وتلذ الأعين، فصبراً على مشاق الطريق؛ حتى تبلغ النجاة) !!
فالأمر يعلمه ويراه من فوق سبع سماوات رب الماضي والحاضر والمستقبل، والذي يعلم ما فيه نفعنا وضرنا، لذا فقد أسلمنا أمرنا كله لهداه!! وهو سبحانه لا يُنزل على عبدٍ بلاءً، إلا وأنزل في مقابله رحمة خفية، تجعله يحتمل هذا البلاء!!
وما يعنينا فقط في هذه الحياة، هو أن نسعى جهدنا في مراقبته وتقواه، فمن يسر الله عليه في أمر دنياه فوجد فرجاً وسعة، فليقل (هذه برحمة الله) ومن غفل عن تقوى الله، فوقع في معصيته، ورأي عاقبة ذلك عسراً في أمر دنياه، فليقل (هذه بمعصيتي) وغفرانك الله!!
إن ميزاناً يجعلنا نتحسس خطواتنا في هذه الحياة نحو تقوى الله، لهو خير معين لنا في الطريق إلى جناته ورضاه!!
فأبصر أعمالك من خلال عواقبها وآثارها إن أغفلك الشيطان عنها حال فعلها، وليكن في التوبة دوماً استدراكك لنيل المغفرة، وفي الحمد والشكر جلباً لزيادة نعمائه عليك بالرحمة والسعة!! ولا تنس أبداً هذه القاعدة الجميلة من المراقبة . .
هذه برحمة الله . . وهذه بمعصيتي!!